السبت، 31 أغسطس 2013

الفلوس .. المعنى والتطور




الفلس (follis) كلمة لاتينية معناها كيس النقود. وقد كان وضع مقدار معلوم من النقود فى أكياس مختومة سُجّل عليها مقدار ما فيها من نقود عادة معروفة منذ القرن الخامس قبل الميلاد. وفى القرن الثالث الميلاد أصبحت الأكياس المختومة متداولة بكثرة فى الإمبراطورية الرومانية وكان يصادق على صحة محتوياتها مفتشون رسميون ويرفقون بكل كيس شهادة تؤكد محتوياته، ولذلك لم تعد هناك ضرورة لفتح أكياس النقود (الفلوس) التى أصبحت فى الحقيقة وحدة نقد هو (الكيس). وقد أدخل الإمبراطور (دايوكليشان) Dioclatian عام 294م فئة الفلس المصنوع من النحاس والمطلي بالفضة وكان قطره 25 ملم ووزنه 8.5جم، ولم يعمر الفلس طويلا إذ تناقص وزنه وحل مكانه السنتينيونالس (Centenionalis) الذي كان وزنه حوالي ثلاثة جرامات.
وفى عام 498م قام الإمبراطور البيزنطي أنستاسيوس الأول (Anastasius 1) بإصلاح نقدي طال المسكوكات النحاسية فقط فأصبح وزن الفلس 8.5جم وقطره 24مم، ويحمل علامة واضحة على ظهره هى الحرف M (الذى يرمز باليونانية الى الرقم أربعين) وكان يعلوه صليب وأسفله اسم مدينة الضرب مختصرا. ومنذ القرن الميلادي السادس فصاعدا أخذ وزن الفلس بالتناقص بسبب التضخم واختفت أجزاء الفلس من التداول وبقى الفلس الفئة الوحيدة المتداولة ولم يعد هناك حاجة للتعريف به بواسطة الحرف M الذي كان رمزا للأربعين نميه[1].
وقد استخدم العرب المسلمون فى البداية نفس طرز المسكوكات التي كانت مستخدمة قبل ذلك، كما أنها مرت بنفس مراحل التعريب التي مرت بها الدنانير والدراهم الإسلامية إلى أن ظهر الطابع الإسلامي الخالص فى المسكوكات. حيث امتد الإصلاح النقدي فى عهد عبد الملك بن مروان إلى الفلوس، فضربت على الطراز العربي الإسلامي الخالص، واختفت تماماً التأثيرات البيزنطية من عليها، ونقش بدلا منها الكتابات العربية الإسلامية، وأقدم نموذج مؤرخ لهذه الفلوس يرجع إلى سنة 87ﻫـ.
وقد ضربت فلوس الإصلاح النقدي فى أكثر من ست وستين مدينة ضرب فى العالم الإسلامي، ويدل ذلك على مدى الإقبال الذي صادفه الطراز الإسلامي الجديد فى أسواق التعامل النقدي، لأنه طراز إسلامي خالص، يحمل ملامح عقيدة الدولة، لذلك تعددت مدن سكه من أجل تلبية رغبات المتعاملين به. وقد أطلق الخلفاء حرية ضرب الفلوس وتحديد قيمتها، وكذا النصوص المسجلة عليها إلى عمال الأقاليم والولايات دون الرجوع إلى دار السك المركزية للخلافة، فقد اتبع الخلفاء نظام اللامركزية فى سك الفلوس على العكس من الدينار والدرهم اللذين خضعا لرقابة شديدة فى كل دور السك الرئيسية سواء من حيث الوزن والعيار، أو من حيث الكتابات التي تنقش عليهما.
ولم تتخذ الفلوس قاعدة ثابتة فى التداول النقدي، ولكن قيمتها وعلاقتها بالنقود الرئيسية الدينار والدرهم كانت تختلف باختلاف الأقاليم والولايات، وذلك فى ضوء عوامل أخرى مهمة مثل الكميات المتوفرة من الذهب والفضة والنحاس، وكذلك حالة النشاط التجاري والاقتصادي فى الداخل والخارج. ولعل عدم وجود قاعدة ثابتة بالنسبة للفلوس يرجع فى المقام الأول إلى أنها نقود محلية يقتصر التعامل بها فى الغالب داخل المدن والأقاليم التي سكت بها، ولم تكن هذه الفلوس شائعة فى التداول غير المحلى، مثل الدينار والدرهم اللذين كانا يمثلان النقود الدولية، والأداة فوق الإقليمية للتعامل بين الدول[2].


[1]- نايف جورج القسوس: نمّيات نحاسية أموية جديدة من مجموعة خاصّة مساهمة فى إعادة نظر فى نمّيات بلاد الشام، ط1، مجموعة الدكتور نايف جورج القسوس فى متحف البنك الأهلي الأردني للنمّيات، منشورات البنك الأهلي الأردني، الأردن، 2004م، ص106.
[2]- عاطف منصور: الكتابات غير القرآنية على السكة فى شرق العالم الإسلامي، رسالة دكتورة غير منشورة، قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، 1419هـ/ 1998م،  ص88- 90؛ عاطف منصور: النقود الإسلامية وأهميتها فى دراسة التاريخ والحضارة الإسلامية، مكتبة زهراء الشرق- القاهرة 2008م، ص 65 – 67.

نقود ولاة العهد في العصر الإسلامي من القرن الأول حتى نهاية القرن السادس الهجري

هذه رسالة ماجستير أعددتها بقسم الآثار الإسلامة - كلية الآداب - جامعة سوهاج
 
ملخص الدراسة
نقود ولاة العهد في العصر الإسلامي
من القرن الأول حتى نهاية القرن السادس الهجري
اعتمدت الدراسة على محاولة الربط بين فكرة ولاية العهد وانتشارها واعتماد الدول الإسلامية عليها بشكل كبير واستغلال المسكوكات فى نشرها، وبين ما ورد فى المصادر التاريخية المختلفة عبر العصور الإسلامية قيد الدراسة –من القرن الأول حتى نهاية القرن السادس الهجري-. وبما أن المسكوكات أهم شواهد الإثبات للأحداث التاريخية المختلفة حيث سجلت معظم الوقائع التاريخية عليها، واستخدمت فى نشر الأفكار والرؤى المختلفة بين أقاليم الدولة الإسلامية، وبسبب فاعليتها وسرعة انتشارها بين الناس وعدم الاستغناء عنها بأى حال من الأحوال، فقد استغلت أحسن استغلال فى الترويج والدعاية لولاة العهد فى الفترة قيد الدراسة، حيث حرص حكام الدول الإسلامية على استغلالها للترويج والدعاية لولاة العهد بداية من عهد الخليفة أبى جعفر المنصور، حتى أضحت هذه الفكرة عادة لدى كل من يتولى الحكم يرى أنها حق مكتسب من حقوقه لابد من استغلالها وتسجيل اسم ولقب ولى عهده عليها.
وقد تم  تقسيم الدراسة الى بابين يسبقهما مقدمه وتمهيد ويليهما خاتمة وكتالوج للوحات ثم ثبت المصادر والمراجع.
المقدمه: تم فيها عرض المصادر الأساسية التى اعتمدت عليها الدراسة من نقود ومصادر ومراجع عربية وأجنبية ومنهجية البحث.
التمهيد: تمت فيه التوطئة للفترة الأولى من الدراسة والتي شملت صدر الإسلام والخلافة الراشدة ثم الدولة الأموية التى ظهر فيها لأول مرة فى الدولة الإسلامية نظام ولاية العهد، حيث إن موضوع الدراسة أهتم بشكل رئيس بدراسة من سجل على المسكوكات من ولاة العهد فكانت البداية بالعصر العباسي.
الباب الأول: عنون عنوانه " نقود ولاة العهد فى عهد الدولة العباسية (132 – 600هـ / 750 - 1203م ). حيث قسم إلى ثلاثة فصول تناولت الفترة العباسية بشكل مفصل.
 الفصل الأول: بعنوان "نقود ولاة العهد فى العصر العباسي الأول 132 – 232هـ" حيث تناول ولاية العهد فى تلك المرحلة التى أسست لباقي مراحل العصر العباسي، الى جانب نماذج النقود التى سجل عليها أسماء وألقاب ولاة العهد فى تلك الحقبة وما صاحبها من أحداث تاريخية.
والفصل الثانى بعنوان "نقود ولاة العهد فى العصر العباسي الثاني " 232 – 334هـ" والفصل الثالث "نقود ولاة العهد فى العصرين الثالث والرابع من الدولة العباسية 334 - 600هـ"، حيث فصلت فيهما الأحداث التاريخية ونماذج المسكوكات التي سجل عليها ولاة العهد.
الباب الثانى: عنوانه "نقود ولاة العهد فى عهد الدول المستقلة عن الخلافة العباسة" حيث ركزت الدارسة هنا على تناول نقود ولاة العهد التى ضربت فى عهد تلك الدول التى تبعت للخلافة العباسية تبعية اسمية والدول التى استقلت بشكل تام عنها، وإيضاح أهميتها وتحليلها وربطها بالأحداث التاريخية المصاحبة لها. فجاء هذا الباب فى فصلين: الفصل الأول بعنوان "نقود ولاة العهد فى عهد الدول المستقلة التابعة عن الخلافة العباسية" والفصل الثانى عنوانه "نقود ولاة العهد فى عهد الدول المستقلة غير التابعة للخلافة العباسية".
يلي ذلك الخاتمة التي احتوت على أهم نتائج الدراسة ثم الكتالوج وثبت المصادر والمراجع.
محمود أحمد زرازير